نسرد لكم في هذا التقرير تاريخ سوني، الشركة اليابانية العملاثة التي أدهشت العالم، وتفوّقت حتى على نفسها..
تاريخ سوني.. إمبراطورية أحدثت فارقًا في العالم
تقدم رقمي TV تاريخ سوني التي تربعت على عرش صناعة الإلكترونيات لأكثر من نصف قرن، في عالم التقنية، حيث غيرت المفاهيم، وتجاوزت المنطق والمألوف.. فهل بدأت هذه الإمبراطورية بالانهيار؟
كانت الحرب العالمية الثانية قد انتهت للتو، حين قرر مسارو ايبوكا افتتاح ورشة صغيرة لصيانة اجهزة الراديو في طوكيو، بعد سنة واحدة، أي في عام 1946 انضم اليه صديقه اكيو موريتا وأسسا برأس مال متواضع شركة طوكيو التقنية للاتصالات، كان الهدف من الشركة توفير الادوات التقنية التي يحتاجها السوق الياباني آنذاك بأقل تكلفة وأفضل جودة ممكنة.
اول ما ابتكرت سوني كان محضرة ارز كهربائية، لكنها كانت فاشلة تماما، “محضرة ارز لا تحضر الارز”، ثم طورت وسادة كهربائية عُرضت مؤخرا في متحف سوني في طوكيو كأول منتج ناجح لها، لكن يبدو ان الشركة لم تكن تثق بالمنتج حينها وباعته تحت اسم شركة وهمية.
في بداية الخمسينات استطاعت الشركة شراء حق استخدام الترانزستور من Bell Labs التي يعود لها الفضل في اختراعه، ومن ثم تمكنت الشركة من تطوير الشريط المغناطيسي/الكاسيت الذي حقق لها شهرة جيدة وقادها لاحقا لإنتاج واحدة من اهم منتجات الثورة التقنية في العالم.
شعرت الشركة انها قادرة على المنافسة خارج حدود اليابان عام 1955، عندما طورت راديو ترانزستور صغير وسهل الحمل، خصوصا ان الجهاز الخاص بها كان اقوى بكثير من جهاز Regency TR الذي انتجته الولايات المتحدة لأول مرة قبل ذلك بعام فقط.
انتقل ايبوكا وشريكه موريتا إلى سوق اوسع وقدما منتجهما في الولايات المتحدة، وحظي الجهاز بنجاح وانتشار كبيرين، لكن، السوق العالمي يحتاج اسما عالميا.. غيرت الشركة اسمها من “طوكيو تسوشين كوجيو” إلى “سوني” وهي اختصار ل Sonus التي تعني باللاتينية “الصوت” و sonny الكلمة الامريكية الرائجة.
ومنذ ذلك الحين بدأ تاريخ سوني كواحدة من عمالقة الشركات التقنية، وصار لكلمة “صنع في اليابان” هيبة غير مسبوقة، فقد استطاعت الشركة عام 1968 تطوير اول تلفزيون يعمل بالألوان واطلقت عليه اسمTrinitron ، وبذلك اصبحت اول شركة يابانية تحصل على جائزة Emmy ،لاحقا طورت الشركة مجموعة مختلفة من اجهزة التلفزيون والشاشات عالية الدقة تحت اسمBRAVIA ، ومازالت سوني حتى الآن من أهم الشركات العاملة في هذا المجال.
توالت نجاحات سوني، فأصدرت أول مشغِل فيديو في العالم عام 1971، وكذلك اطلقت عام 1979 مشغل الموسيقى الشهير Walkman والذي غير نمط الاستماع للموسيقى حول العالم. طرحت سوني الجهاز بالأسواق بسعر150$ أي ما يعادل 500$ بوقتنا الحالي، وباعت نحو 385 مليون جهاز ووكمان منذ اطلاقه.
قامت شركة سوني بصناعة أول كاميرا الكترونية عام 1981 وطرحت بعد عام أول مشغل اقراص مضغوطة او ما يعرف بالسي دي، استحوذت سوني على شركة التسجيلات الأمريكية CBSعام 1988 ب2 مليار دولار، بعد ان كان التعاون بين الشركتين قد بدأ في ستينيات القرن الماضي.
شهدت فترة الثمانينيات ظهور مجموعة من الشركات المطورة للألعاب مثل atary, Nintendo, sega ما أوحى لسوني بخوض تجربة جديدة، ما شكل تاريخ سوني القوي والجديد.
ف سبايدرمان، كراش God of war, tomp raider,، ريزدنت_إيفل ، وغيرها الكثير، العاب الكترونية عرفها العالم بعد ان أنشأت سوني قسمًا خاصا بالترفيه يدعى Sony Computer Entertainment عام 1993.
حاولت الشركة التعاون مع نينتندو في إنتاج “نينتندو بلاي ستيشن” لكن خلافات مالية ادت الى فشل الشراكة، نينتندو تخلت عن سوني وتعاونت مع فيلبس، وسوني خرجت عام 1994 بجهاز PlayStation1 الذي حقق نجاحا هائلا، واستطاعت من خلاله تغيير مفهوم الترفيه والالعاب، باعت سوني اكثر من مليوني جهاز في اليابان وحدها قبل ان يحقق نجاحا اكبر في الولايات المتحدة والعالم.
اصدرت الشركة PlayStation2 عام 2001 وباعت اكثر من 157 مليون نسخة متجاوزة كل التوقعات، حتى ان سوني لم تستطيع ان تحقق هذا الرقم الضخم من المبيعات مرة اخرى، ووصلت القيمة السوقية لسوني ل 100 مليار دولار، ثم اطلقت الشركة PlayStation3 و PlayStation4 في عامي 2006 و 2013، وفي نوفمبر من العام الحالي طرحت سوني PlayStation5 وقدمته بنسختين قياسية بسعر 500$ ورقمية بسعر 400$ وبالعاب جديدة ك”سبايدرمان: مايلز موراليس” و”راتشت أند كلانك: ريفت أبارت” و”هورايزن: فوربيدن وست”، وهو جزء مهم من تاريخ سوني.
ومن تاريخ سوني .. تمتلك ايضا منذ عام 1991سوني بيكتشرز انترتينمنت التي وصلت ايراداتها في 2018 ل 9.133 مليار دولار وتضم عدد من الشركات اهمها: سوني بيكتشرز انيميشن، وكولومبيا بيكتشرز التي استحوذت عليها عام 1989 بمبلغ 3.5 مليار دولار، وانتجت منذ ذلك الحين اعمالا سينمائية شهيرة ك Hotel Transylvania/The Smurfs/ Men in Black وليس أخيرا فيلم المغامرة والكوميديا Jumanji:The Next Level بطولة دوين جونسون المعروف بذا روك ووصلت ايراداته إلى 800 مليون دولار.
بدأت شركة سوني في تطوير منتجاتها في عالم الكمبيوتر والحاسوب في عام 1996 مع تصنيع أجهزة حاسوب VAIO،،، لكن ماذا عن الهواتف المحمولة؟! اول هاتف محمول من شركه سوني صدر عام 1997 وكانت خدمات الهاتف تقتصر على اجراء المكالمات الصوتية وارسال الرسائل النصية القصيرة.
وفي عام 2001 تعاونت سوني مع شركة اريكسون السويدية ذات الخبرة الواسعة في مجال الاتصالات اللاسلكية لإنتاج مجموعة من الهواتف حملت اسم “سوني اريكسون” واصدرت اول هاتف يحمل شاشة ملونة بالعالم t68i، وتباعا اطلقت سلسلة هواتف t ثم k واخيراz،
ومع بداية الألفية الثالثة اطلقت سوني هاتف p900، بشاشة لمس، كاميرا وايضا بلوتوث لنقل الملفات، ما يمكن ان نعتبره نقلة نوعية في عالم الهواتف المحمولة، ما شكل جزءًا آخر من تاريخ سوني.
ولا ننسى ان كاميرات الهواتف الذكية اليوم على اختلافها تستخدم مستشعرات تنتجها شركه سوني وتتكون بشكل اساسي من عدد هائل من الترانزستورات الحساسة للضوء وهو المجال الذي استحوذت عليه سوني وتفوقت فيه منذ بداياتها.
مع حلول عام 2007 ظهرت شركات أخرى بدأت تسحب البساط من هواتف “سوني اريكسون” التي اكتسبت شهرة ونجاح منقطع النظير، المنافسة ازدادت حدة مع ظهور هواتف بلاك بيري، ايضا اطلاق شركة ابل لأول هاتف ايفون.
استحوذت سوني على شركة اريكسون عام 2011 بنحو 1.5 مليار دولار بعد ان اصدرت الشركتان ما يزيد عن 100 جهاز وخلال العامين التاليين استمرت سوني في طرح الهواتف ومع عام 2013 اصدرت Xperia Zبميزة مقاومة الماء ولاقى حينها نجاحا كبيرا كونه اول هاتف يحمل هذه الخاصية، طبعا الى جانب ميزات اخرى حملها الجهاز، وهو جانب آخر من تاريخ سوني
إلا أن تصاميم سوني المُستهلكة والمكررة لإصدارات اكسبيريا اللاحقة لاقت انتقاداً شديداً، ايضا الشركة لم تقلل حجم اطار شاشة الهاتف، وكانت تصر على طرح اجهزتها بأسعار مرتفعة بالرغم من المنافسة القوية مع شركات كبرى مثل ابل، وسامسونج.
فنرى ان مبيعات الشركة انخفضت خلال 10 اعوام من 100 مليون جهاز في 2007 لأقل من 20 مليون جهاز في 2017.
وازداد الوضع سوءا، تراجعت مبيعات سوني بشكل كبير، ووصلت لنحو 6 مليون وحدة في 2018، و 3 مليون وحدة في 2019 ويبدو ان هذا العام لم يحمل اخبارا افضل.
سوني اصبحت تحتل المركز الثالث في سوق الهواتف الذكية في اليابان نفسها، لكن، لماذا؟ بنظرة اعمق يمكن تفسير ما وصلت اليه الشركة اليابانية بالتالي:
سوني واجهت مجموعة من العقبات التي اثرت على صعودها كالأزمة المالية العالمية التي انفجرت في سبتمبر 2008، وللمقارنة فإن القيمة السوقية لسوني بلغت 60 مليار دولار عام 2019 حسب مجلة فوربس الأمريكية، اما قيمة آبل السوقية فبلغت 961 مليار دولار و272 مليار دولار لسامسونج.
حالة الركود التي شهدها الاقتصاد الياباني، والزلزال العنيف الذي ضرب البلاد عام 2011 واضر بشدة بمجموعة من المصانع التابعة لسوني حيث وصلت قيمة الشركة السوقية في ذلك الوقت الى 18 مليار دولار، واعتقد البعض ان الامبراطورية اليابانية على حافة الانهيار.
دخول دول شرق اسيا ذات العمالة الرخيصة والجودة العالية سوق الهواتف المحمولة، مثلا الصين اكتسحت السوق بأجهزة هواوي وتشاومي، هذا عدا المنافسة الكبرى كما ذكرنا سابقا من هواتف ايفون، سامسونج وال جي.
عدم تعاقد سوني مع شركات الاتصال الامريكية، ما ساهم في تخفيض القوة الشرائية لهواتفها بشكل كبير في الولايات المتحدة.
تشعب الشركة في مجالات متعددة، الاتصالات والحواسيب، التصوير والفيديو، الصوتيات، الالعاب والترفيه والاجهزة المنزلية وعندما تتشعب الشركات يصعب ادارتها والمتابع لسوني يجد كيف انها استحوذت في تاريخها على شركات عدة وذات تخصصات مختلفة.
الافضل لسوني بحسب المحللين هو ان تركز على مجالات محددة وتعتمد عليها خصوصا تلك الناجحة منها مثل البلاي ستيشن، وهو ما أحدث فارقًا في تاريخ سوني.
فالشركات تهدف بشكل اساسي إلى الربح، والشركات المتخصصة ليس امامها سوى ان تقاتل حتى النهاية، اما الشركات متعددة المجالات فيمكنها التخلي عن الاقسام غير المفيدة او على الاقل تقليص المصاريف فيها.
ويبدو ان سوني فهمت المعادلة، واعلنت مؤخرا نيتها ضم قطاع الهواتف المحمولة sony mobile مع قطاع التصوير والأجهزة المنزلية تحت اسم سوني للإلكترونيات والذي سيسهل على الشركة حسب قولها مراقبة انشطتها بحيث تعمل الاقسام المختلفة تحت مظلة واحدة.
نجاح سوني اليوم يعود بالأساس لجهاز بلاي ستيشن الذي يجلب لها عائدات ضخمة، والترفيه يشكل اكبر مصدر دخل للشركة. ويذكر ان سوني كانت من اوائل الشركات التي طبقت تقنية الواقع الافتراضي وتعمل حاليا على النهوض بها كواحدة من اهم تقنيات المستقبل البديلة عن شاشات الحاسوب والهواتف المحمولة.
لدى الشركة خطط ضخمة لتطوير قطاع الترفيه والتسلية استنادا لهذه التقنية.. من يعلم!!! اذا نجحت خطط سوني ربما نجدها تعود اقوى واكبر مما كانت عليه. فهي ما زالت واحدة من اعمدة الاقتصاد الياباني ولديها عشرات المصانع وتشغل اكثر من 114 الف عامل.
شاركنا رأيك هل ستستعيد سوني امجادها ام ان الامر انتهى؟ لا تنسوا ان تكتبوا لنا ايضا عن ذكرياتكم مع هذه الشركة وأي منتجاتها هي الافضل بالنسبة لكم؟!
اذا اعجبتك الحلقة، لا تنسى ان تضغط لايك وسبسكرايب وانتظرنا في قصة جديدة، الى اللقاء!!
ماذا تعرفون أيضًا عن تاريخ سوني؟ شاركونا في التعليقات