تشغيل الشمس الاصطناعية بـ 5 أضعاف حرارة الشمس الحقيقية .. ولكن !!
ما هي حقيقة الشمس الاصطناعية وما هي مميزاتها وعيوبها ؟
ذكرت بعض التقارير مؤخرًا قبل أيام قليلة أن الصين قد انتهت من تطوير ما يُعرف بـ “الشمس الاصطناعية”، والتي تمكّنت من بلوغ درجة حرارة قياسية وصلت إلى 70 مليون درجة؛ أيْ ما يزيد حتى عن 5 أضعاف حرارة الشمس الحقيقية !!.
وذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” خلال تقرير لها هذا الشهر الجاري يناير للعام 2022 أن “الشمس الاصطناعية” والتي هي بالأساس عبارة عن مفاعل نووي يسمى HL-2M Tokamak طورته الصين ويعمل منذ شهر سبتمبر الماضي للعام 2021، قد تمّ تسخينها لمدة 17 دقيقة بحرارة تفوق 70 مليون درجة مئوية !!.
وقد سجل المفاعل الصيني الذي يعمل بتقنية الاندماج النووي رقمًا قياسيًا في إشعاع درجات الحرارة المرتفعة المتواصلة ، بعدما وصل خلال تشغيله إلى حرارة أقوى بخمس مرات بالمقارنة مع الشمس ، الأمر الذي لم يحدث من قبل أبدًا ، وقد استمر ذلك ما يزيد بقليل عن 17 دقيقة، بحسب الإعلام الصيني الحكومي.
فقد كان الرقم السابق لهذه الشمس الاصطناعية هو ثلاث دقائق فقط (180 ثانية) ، وقد تضاعف إلى ست مرات وأكثر بوصوله إلى 1056 ثانية التي هي 17 دقيقة تقريبًا.
وحسب ما أعلنته وسائل الإعلام العالمية وما جاء عبر إذاعة مونت كارلو الدولية ، فقد أجرى الباحثون مؤخراً اختبارات إضافية على المفاعل جعلت نظام التسخين الخاص به أكثر كفاءة و”استدامة” من أيّ وقت مضى. وعملت “الشمس الاصطناعية” لمدة 17 دقيقة و36 ثانية بحرارة 70 مليون درجة، وهي حرارة أكبر بخمس مرات من تلك السائدة في قلب الشمس الحقيقية.
وأنفقت الصين بالفعل حوالي 840 مليون يورو على المشروع. وبلغت حرارة الشمس الاصطناعية في مايو الماضي 120 مليون درجة مئوية لمدة 101 ثانية، ثم 160 مليون درجة مئوية لمدة 20 ثانية. الهدف الرئيسي الآن هو الحفاظ على درجة الحرارة فوق 100 مليون درجة لفترة طويلة.
ما الهدف من الشمس الاصطناعية ؟
يتمثّل الهدف النهائي من تطوير جهاز ما يُعرف بـ “الشمس الاصطناعية” في توفير طاقة نظيفة تكاد تكون غير محدودة بواسطة عملية معقدة تحاكي التفاعلات الاندماجية النووية الطبيعية التي تشهدها دواخل النجوم.
واستغرق بناء المفاعل أكثر من 14 عامًا ويمكنه نظريًا الوصول إلى درجات حرارة تزيد عن 200 مليون درجة، أيْ 13 مرة أكثر من الشمس.
ويمكن لهذا المفاعل أن يؤمن احتياجات الصين الحالية من الطاقة مع تطوير طاقة مستدامة ، ويأمل العلماء من خلال محاكاة تفاعل الاندماج النووي الذي يمد الشمس الحقيقية بالطاقة، أن يصبحوا قادرين على خلق وتوفير “طاقة نظيفة غير محدودة”.
شرح علمي مبسط للعملية :
تعمل القنابل الذرية بتقنية الانشطار النووي، أيْ توجيه ضربة إلى نواة الذرة كي تفجرها وتفككها فتخرج منها كميات هائلة من الطاقة. تستعمل تقنية مشابهة في المفاعلات الذرية التي تستخدم مواد مشعة كـ اليورانيوم، لكن مع ضبط التفاعلات فلا تكون انفجارية.
وفي المقابل تمامًا ، تعمل مفاعلات الاندماج النووي عبر الضغط على أنوية ذرات من غاز الهيدروجين كي تندمج مع بعضها بعضًا، و”تتفكك” كل منها أيضًا في سياق تلك العملية، وينجم عن ذلك كميات هائلة من الطاقة.
وبحسب “غونغ شينزو” الباحث في “معهد فيزياء البلازما” التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، والذي تولى الإشراف على تلك التجربة الصينية، فإنّ “العملية الأخيرة -التي أجريت في مفاعل إيست- تضع أساسًا علميًا وتجريبيًا قويًا لتشغيل مفاعل اندماج نووي”.
وقد تخطّت تكلفة مشروع “إيست” حتى الآن 700 مليار جنيه استرليني، وسيواصل تجربته حتى يونيو (حزيران) المقبل لهذا العام الجديد 2022.
وبشكل عام ، يوصف الانصهار النووي بأنه “الكأس المقدسة” في تقنيات إنتاج الطاقة النظيفة، غير أنه ما زال بعيدًا من التنفيذ خارج المختبر، على الرغم من عقود أمضاها العلماء في إجراء بحوث حول هذه التكنولوجيا ، إلا أن الخطورة الناتجة عن أيّ خطأ ولو بغير قصد تجعل من الجميع خائفين من توسيع التجربة دون ضمانات وأمان كافٍ.
وفي محاكاة لفيزياء الشمس الحقيقية، تعمل مفاعلات الاندماج النووي بواسطة إدماج أنوية ذرّات بهدف توليد كميات هائلة من الطاقة يكون من المستطاع تحويلها إلى كهرباء .
وتبعًا لذلك ، لا تتطلب تلك العملية استخدام أيّ وقود أحفوري، فضلاً عن أنها لا تترك وراءها أي مخلفات تنطوي على خطورة، خلافاً للمفاعلات التي تعمل بتقنية الانشطار النووي وتنتج طاقة نووية لأغراض تجارية ، كذلك يزعم علماء الفيزياء أن مخاطر حدوث كارثة بيئية نتيجة الاندماج النووي تبقى منخفضة كثيرًا.
خطورة ممكنة مع وقت قليل !!
إلا أنّ كل ما سبق لا يعطي الضمانات الكاملة للأمان التامّ في هذه العملية ، خاصة وأن أيّ احتمال ولو بسيطًا لوقوع أخطاء يجعل من العملية مخيفة غير مأمونة العواقب ، فهذا الأمر ليس بمثابة اللعب بالنار ، وإنما هو بمثابة الولوج إلى النار نفسها ، فكلنا يعلم حجم القدرة التدميرية الهائلة للتفاعلات الانشطارية !!.
ولدينا الأمثلة الكثيرة نذكر منها قنبلتيْ هيروشيما وناكازاكي ، بالإضافة إلى كارثة تشيرنوبل في الاتحاد السوفييتي سابقًا ، وكلها كانت كوارث بحجم لا يُضاهى في الخسائر البشرية والطبيعية .
وعلاوةً على ذلك ، فإن الشمس الاصطناعية لم تعمل لأكثر من 17 دقيقة ، كما توجد مخاوف كبيرة من زيادة المدة التشغيلية ، بينما نجد الشمس الطبيعية التي هي مِن خلق الله كاملةً لا عيوب فيها وتعمل بكفاءة مستدامة منذ ملايين السنين ولا تتأثر ولا تحتاج مفاعلات أو طرق وقاية وأمن وسلامة وتجارب مصغرة وما إلى ذلك .
وتبقى الشمس الإلهية التي جاءت بأمر الخالق “كنْ فيكون” هي سرّ الحياة البشرية على كوكب الأرض مع الماء الذي جعل الله منه كلّ شيءٍ حي ، ولا أمانَ كأمانِ الخلق الإلهي ، فكما تقول الآية الكريمة من سورة لقمان : (هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الذينَ مِنْ دُونِهِ) ، ويقول الشاعر المصري علي الجارم في شأن المقارنة بين أيّ شيء طبيعي بشيء آخر صناعي مهما بلغت روعة الأخير : (يصنعُ الصانعونَ وَرْدًا ولكنْ وَرْدةُ الرّوْضِ لا تُضارَعُ شكلًا).
اقرأ أيضًا ..
أندرويد 12 – Android 12 يجلب ميزة هامة لحماية هاتفك من الاختراق .. كيف تفعّلها؟
ما رأيك في مشروع الشمس الاصطناعية بهذه القدرات ؟ شاركنا التعليقات ..