في صفقةٍ مدويّة .. ولها آثار كبيرة على صناعة التكنولوجيا.. أعلنت شركة انفيديا لتصنيع بطاقات الجرافيكس أنها ستشتري شركة Arm من شركة الاستثمار اليابانية Softbank مقابل 40 مليار دولار.. وهذا خبر لا يجب أن يمر مرور الكرام من أي شخصٍ مهتم بعالم التكنولوجيا.
Arm Holdings هي الشركة التي تقف وراء معمارية ارم , وهي المعمارية التي التي تُستخدم لتشغيل أكثر من 90٪ من الهواتف الذكية في العالم ولمركبات ذاتية القيادة إلى الهواتف وحتى الغسالات. في حين أن الشركة ليس لديها قدرات تصنيع ، فإنها تصف نفسها بأنها سويسرا النسخة التكنولوجية، فهي تملك التصميم وتمنح ترخيص استخدام التصميم والتصنيع.
هذا الخبر صُنّف بمثابة قنبلة ضخمة أطلقتها انفيديا وسقطت في أروقة الشركات التقنية العالمية، أما بالنسبة لانفيديا فيُمكن القول إنها انطلقت من مرحلة إلى مرحلة أكثر توسعاً وهيمنة.
ومع نجاح انفيديا بصفقة الاستحواذ على ARM فإن هذا قد يعرض شركة Apple لمخاطر كبيرة. كوْنه يضع Nvidia في محور القرار التقني العالميّ، مما يُغيّر قواعد الللعبة.
والسؤال الآن، لماذا هذه الصفقة ستضع انفيديا في موقف قوي بالنسبة لها.. وخطير بالنسبة لآبل وشركات أخرى؟
للإجابة على هذا السؤال علينا أولاً التعرف على طبيعة عمل شركة ARM، فالشركة التي مقرها بريطانيا هي العصب الحساس للمنتجات التقنية التي بين أيدينا، ولديها تقنيات مثل تصميم معمارية لتصنيع المعالجات، ، بمعنى أن أي شركة أرادت تصنيع معالج فعليها الحصول على ترخيص من ARM أو معمارية x86 من إنتل.
أنت تسأل الآن، ولماذا لا تُطور الشركات معمارية أخرى للخروج من عباءة ARM ؟.. الإجابة أن الأمر ليس بهذه السهولة، فهاتان المعماريتان تعملان في تطوير تقنيات الكمبيوتر والحوسبة منذ أكثر من 40 عاماً، وإذا أردت العمل على معمارية جديدة فهنا عليك البدء من خمسين سنة وهذا أمر يستحيل العمل عليه.
وتعتمد شركات مثل اعتماد ابل و كوالكوم وسامسونج وحتى هواوي وميدياتك وانفيديا وغيرهم من مصنعي المعالجات المحمولة على معمارية ARM بشكل كامل في معالجتهم. حيث تقوم ARM كل عام بإطلاق نسخة محسنة من معمارية المعالج المركزي ومعالج الرسوميات ومعالجات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وتقوم بعض هذه الشركات مثل هواوي بتحويل هذه المعمارية الى معالج حقيقية او تقوم شركات اخرى بالتعديل على هذه المعمارية ومحاولة الوصول الى اداء افضل مثل انوية Kyro من كوالكوم .
ولكي تستوعب قيمة معمارية ARM .. يكفي معرفة الموقف الصعب لشركة هواوي الآن بعدها فرضت الولايات المتحدة حظراً على تعامل هواوي مع ARM فهذا يعني ان هواوي لن تستطيع الحصول على تراخيص لاستخدام معماريات ARM المستقبلية مما يعني انها عالقة في التصميم الحالي و ستتخلف عن باقي الشركات التي ستحصل على المعمارية الجديدة.. الأمر الذي يُهدد مستقبل قطاع الهواتف الذكية لهواوي.
من هذا نفهم أن الشركات تقع تحت رحمة انفيديا الآن .. لأنها امتلكت السيف الذي يتمناه الجميع.
بالنسبة لآبل فهي أكثر المنزعجين من الصفقة لعدة أسباب من بينها أن آبل وانفيديا على خلاف منذ سنوات طويلة واعتماد Apple حاليا بشكل كامل على ARM وتخليها عن معمارية X86 قد يدفعها للتصالح مع انفيديا.
فشركة ARM كانت في يومٍ من الأيام بمثابة حُلمٍ بالنسبة إلى رئيس شركة آبل الراحل ستيف جوبس لضمها إلى شركته، بل حتى تِم كوك كان دائماً يُفكر بصفقة استحواذ عليها، فالشركة الأمريكية لديها مئات المليارات خارج الولايات المتحدة ولا تستطيع إدخالها دون التعرض لسيف الضريبة.
سؤال آخر، طالما أن ARM مهمة إلى هذا الحد.. لماذا لم تستحوذ عليها آبل؟
هناك اعتبارات مالية مثل قيمة الصفقة، وسياسية تتعلق بالحرب التجارية الصينية الأمريكية وخضوعها لتدقيق شديد ورقابة عالية من عدة أطراف أمريكية وصينية بل وحتى أوروبية.
وهناك أسباب قانونية، فشركة آبل بحال شرائها ARM ستخضع لقضايا بدعوى الاحتكار.
