تليسكوب “جيمس ويب” يصل نقطة عمله بالفضاء .. فمتى يبدأ بإرسال الصور؟
تليسكوب "جيمس ويب" أعظم خطوات ناسا نحو الفضاء في القرن 21
قبل أيامٍ قليلة وتحديدًا في 24 يناير/كانون الثاني الحالي، أعلنت وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) أن التلسكوب الفضائي المسمى “جيمس ويب” قد وصل بالفعل إلى نقطة عمله بالفضاء، والتي تقع على مسافة حوالي 1.5 مليون كيلومتر من سطح كوكب الأرض في الجانب المقابل للشمس، وأكدت ناسا على أنه الآن جاهز للعمل.
و”جيمس ويب” هو عبارة عن مشروع تلسكوب ضخم جدًا سوف يُمكّن العالم من التعرف على العديد من الأسرار في الفضاء والكون الفسيح، خاصة وأنه سيتمتع بالذكاء الاصطناعي الذي بات ركيزةً أساسية في شتى المجالات التكنولوجية.
وقال عنه العالم المصري الدكتور “ماجد الأعسر” عالم النظم الهندسية والذكاء الاصطناعي في مختبر الدفع النفاث (JPL) بوكالة الفضاء الأمريكية NASA أنه خطوة كبيرة نحو اكتشاف أسرار الفضاء.
ويضيف أنه ليس فكرةً حديثة العهد من اليوم، وإنما هو مشروع طويل كان في طوْر الهندسة والتحليل منذ حواليْ عشرين عامًا، وكانت تكلفته باهضة جدًا، وأنهم -في وكالة ناسا- متحمسون جدًا بعد نجاح هذا المشروع لأنه سيمكّنهم من اكتشاف نشأة الكون بطريقة أبعد وأكبر مما كان عليه الحال مع التلسكوبات العادية في الأرض.
بداية عمل تليسكوب جيمس ويب
وتقول “ناسا” أن جيمس ويب سوف يبدأ عمله خلال فترة أقصاها 3 أشهر من لحظة الإطلاق، وسيبدأ أولا في ضبط مراياه الذهبية سداسية الشكل (وعددها 18) بحيث تعمل معًا كمرآة واحدة تُعتبر هي الأكبر على الإطلاق في الفضاء.
ثم يأتي دور المرحلة التالية بعد 3 أشهر أخرى إضافية، حيث سيبدأ التلسكوب المتطور جيمس ويب في التقاط صور غير دقيقة لمجموعات محددة سلفًا من النجوم. هذه الصور ليست لأيّ غرض علمي بذاته، ولكنها مجرد إجراءات إضافية بهدف ضبط التلسكوب من أجل العمل بدقة محددة.
بعد ذلك بحواليْ 6 أشهر (عن لحظة الإطلاق)، تبدأ أولى المهام التي تحمل اسم “دورة العمل رقم واحد” (Cycle 1)، وهي مجموعة مكونة من 266 مهمة بحثية، تمّ اختيارها من قِبَل باحثين متخصصين ضمن 41 دولة حول العالم، و سيقضي التلسكوب هابل 6 آلاف ساعة عمل في هذه المهام.
وبالنظر إلى تلك المهام، فإن حوالي 33% (ثُلث المهام تقريبًا) ستكون متعلقةً بدراسة المجرات، و23% منها ستهتم بالكواكب التي تدور حول نجوم غير الشمس، وأيضًا هناك حواليْ 12% مخصصة لدراسة الفيزياء الفلكية الخاصة بالنجوم، وبقية تلك النسبة سيخصص لدراسة المجموعة الشمسية.
أكبر المهام
وتُعتبر أكبر المهام المنوطة بعمل التلسكوب جيمس ويب هي أنه سوف يعطي حوالي 209 ساعات عمل لهدف واحد رئيسي كبداية ، وهو التقاط صور لآلاف المجرات التي نشأت خلال مليار سنة من لحظة الانفجار الكوني العظيم، تلك الصور التي لم يتمكن أي تلسكوب من قبل من رصدها بدقة بسبب المسافة الهائلة بيننا وبينها.
وبهذا الشأن يؤكد الدكتور “الأعسر” على أهمية إضافة الذكاء الاصطناعي للتليسكوب الذي بلغت تكلفته الإجمالية ما يقارب 10 مليار دولار، ويضيف كذلك بهذا الشأن :
“إن دراسة الكويكبات تساهم في التعرف على الكون، وإن التليسكوب من الأرض له مدى معين لا يستطيع تجاوزه، إلا أنه في حال لو كان معلقًا في الفضاء بعيدًا عن كوكب الأرض، فإن دقته في التصوير والرؤية ستكون أعلى وأكثر وضوحًا وأبعد في المدى بكثير، بالإضافة إلى رؤية الأضواء الخاصة بالنجوم منذ ملايين السنين، وكلما استطعنا الاختراق أكثر في الفضاء كانت الصور أكثر وأعلى دقةً ووضوحًا، وتجعلنا قادرين على معرفة ما حصل في الماضي”.
الصعوبة الأكبر تكمُن في عملية التحكم بالمركبة الفضائية من الأرض، خاصة إن كان الهدف بعيدًا في الفضاء، فكان ذلك هو السبب الرئيسي في إدخال الذكاء الصناعي كـ تكنولوجيا متطورة جدًا من أجل تسهيل مهمة البحث واكتشاف الكويكبات والكواكب بشكل أكبر.
حيث إن وجود مركبة فضائية بذكاء صناعي يمكّنها من الانتقال إلى أيّ كوكب مهما كانت المسافة بينه وبين الأرض، من أجل اكتشاف البيئة المحيطة به والقدرة على الاقتراب منه والنزول (الهبوط) عليه حسب جاذبيته والإشعاع الذي حوله، ومن ثم دراسته بالتفصيل وجمع العيّنات منه، كل ذلك تقوم به المركبة الذكية وحدها، فإن هذه تكنولوجيا متطورة جدًا يعمل عليها خبراء ناسا بكل جهدهم وإمكاناتهم.
ويمكن أن تساعد هذه الأرصاد في فهم جزء جوهري من تاريخ الكون يُعرف باسم “حقبة عودة التأين” (Reionization) وهي الفترة من 400 مليون إلى مليار سنة بعد الانفجار العظيم، حيث ظهرت النجوم والمجرات الأولى.
ثم تأتي مهمة بارزة للتليسكوب المتطور وهي تتعلق بدراسة الغلاف الجوي لعدد من الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى، على مسافات شاسعة من الشمس، حيث سيقضي التلسكوب حوالي 142 ساعة عمل في تلك المهمة.
وسيهتم جيمس ويب بشكل خاص بدراسة النظام النجمي “ترابيست-1” (TRAPPIST-1). وكان فريق بحثي دولي قد اكتشف وجوده عام 2017، ويتكون من 7 كواكب تدور على مسافات قريبة جدًا من أحد أنواع النجوم يدعى “قزم أحمر” ويعتبر قريبًا نسبيًا من الأرض.
كذلك سيخصص “جيمس ويب” حوالي 100 ساعة عمل منفردة لرصد الأجرام الصغيرة التي تقع خلف كوكب نبتون، وستهتم تلك الأرصاد بشكل خاص بالبحث عن مركبات مثل الماء أو ثاني أكسيد الكربون أو المواد العضوية المعقدة.
ولا شك أن دراسة تلك الأجرام تساعد في الكشف عن أصول كوكبنا نفسه، وبقية الكواكب، إلى جانب ذلك فقد ترجح تلك البيانات عدة فرضيات حول نشأة الأرض، أهمها الفرضية القائلة إن الحياة نشأت بالأصل في أقاصي المجموعة الشمسية ثم سافرت إلى الأرض مع أحد المذنبات أو الكويكبات قبل مليارات السنين.
اقرأ أيضًا ..
ايفون 13 برو iPhone 13 Pro بتصميم أشهر الساعات السويسرية بأسعار خرافية
ما رأيك بتليسكوب جيمس ويب ؟ هل تتوقع اكتشافات ذات أهمية للحياة البشرية ؟ ..