تقرير رقميتقنيات أخرى

رجال الغابة مقاطع كاذبة بملايين الدولارات

لا بد أنك سمعت أو مر عليك يوماً ما وأنت تتصفح اليوتيوب مقطع فيديو لرجال أو أطفال يقومون بأعمال بدائية في الغابة… مثل بناء بيوت وأكواخ ومسابح وحتى منشآت رائعة وسط الطبيعة مثل هذه  ، هذه أو هذه أو حتى هذه..  كل هذا باستخدام أدوات بدائية ومواد موجودة داخل الغابة. هذه المقاطع حصدت ملايين المشاهدات ونال أصحابها شهرة كبيرة جدا… في الواقع هناك الكثير من القنوات التي تنشر هذا المحتوى وربما قد شاهدت مقطعاً واحداً منها على الأقل… لكن دعني أصدمك وأقول لك أن معظم هذه المقاطع مزيّفة! 

هل مقاطع رجال الغابة مزيفة ؟

القصة بدأت مع قناة Primitive Technology أو التقنية البدائية لشخص استرالي يدعى John Plant…. بدأ مشواره في القناة منذ 7 سنوات بنشر فيديوهات لنفسه وهو يبني منشآت باستخدام أدوات بدائية موجودة فقط في الغابة مثل التراب والطين وجذوع الأشجار. انتشر المقطع الأول له بسرعة كبيرة، وهو يبني كوخاً صغيراً وحصد أكثر من 30 مليون مشاهدة لحد الآن… وبدا واضحاً أن الناس معجبة بالفكرة و ببساطتها خاصةً أن صاحب القناة لا يتكلم على الإطلاق، ويتمم عمليات البناء في مناطق ذات مناظر طبيعية جميلة. قناته على اليوتيوب الآن تحتوي 10 مليون ونصف مشترك. ومع نجاح هذه الفكرة وإعجاب الناس بها، بدأ المزيد والمزيد من الأشخاص بإنشاء قنوات مشابهة تقدم نفس المحتوى… لكن هناك اختلاف مهم عن قناة جون… وهو  أن المحتوى مزيف وغير حقيقي!

في الواقع، ما تراه أمام الكاميرا مختلف تماماً عن ما يحدث خلف الكواليس…  واليكم الدليل… انتشر مقطع اليوتيوبر يقدم هذا النوع من المحتوى أثار الكثير من الشكوك وطرح العديد من علامات الاستفهام حول صحة الموضوع… (د. 1:22) اتضح أن هذا اليوتيوبر يستخدم ماكينات حفر لا تظهر أمام الكاميرا، حيث بحاول إقناع المشاهد أنه يقوم بكل العمل بمفرده… وهذا ما توضحه مسارات الحفارات التي تظهر في المقاطع. بستخدم اليوتيوبرز أيضاً قطع من الخشب والخيزران مقطوعة عبر آلات قطع احترافية لا بأدوات يدوية. بعض الفيديوهات تشير إلى أن الأشخاص يقومون بتحضير الاسمنت عبر مياه النهر المجاور، لكن قام أحد المهندسين المدنيين بكشف الحقيقة والتأكيد أن الاسمنت لا يمكن إعداده من خلال مياه نهر جاري. وبالتالي ما يتم استخدامه هو مجرد طين عادي لا يصلح لبناء الكثير من المنشآت التي تظهر في المقاطع.

من الأمور الأخرى المزيفة هي المياه المستخدمة لتعبئة أحواض السباحة. وهي من أكثر المنشآت التي يبنيها رجال الغابة في المقاطع… أولاً المياه تظهر في بعض المقاطع نقية وزرقاء بشكل لا يمكن تصديقه في بيئة طبيعية مليئة بالأشجار والحشائش والتراب والحشرات… وهذا ما يطرح بقوة فرضية استخدام مواد كيميائية وأصباغ ملونة. لكن ماذا عن المياه نفسها؟ من أين جاءت؟ هناك أيضاً تساؤلات حول مصادر المياه لتعبئة الأحواض… حيث معظم المناطق التي يتم التصوير فيها بعيدة عن الأنهر أو مجاري الماء. إذا نظرت بدقة في بعض اللقطات ستجد أنابيب زرقاء (د. 2:16) ما يعني أن المياه المستخدمة في المنشآت تأتي عبر هذه الأنابيب وليس مباشرة من النهر، وهذا عكس ما نراه خلف الكاميرا حيث يستخدمون الخيزران لنقل المياه من النهر إلى أحواض السباحة. 

الخلاصة أن ما يفعله أصحاب القنوات التي تقدّم هذا المحتوى عكس ما يروّجون له خلف الكاميرا، وهو مخالف للفكرة الأساسية لكون العملية بدائية. والأسوأ من ذلك أنهم يقومون بالإضرار بالطبيعة من أجل نيل الشهرة… والدليل هو الصور والمقاطع التي أظهرت (د. 2:38)  بعض المناطق التي يظهر فيها فريق عمل كامل مع معداتهم بالإضافة إلى المخلفات والأدوات بعد الانتهاء من التصوير…

الآن دعونا نطرح السؤال الأهم… لماذا يفعل هؤلاء هكذا؟ لماذا يضحكون على المتابعين؟ بكل بساطة: من أجل نبل المشاهدات… هذه المقاطع نجحت بشكل كبير لدرجة أنها صارت تجذب ملايين المشاهدات خلال وقت قصير. أحد المقاطع حصد ما يقارب 500 مليون مشاهدة. وكلما زادت المشاهدات، ارتفع الدخل والربح… ولو على حساب المصداقية وجمال الطبيعة. على سبيل المثال، تمتلك إحدى هذه القنوات الآن أكثر من 10 مليون مشترك، وتدر لصاحبها أرباحاً تتجاوز 3 مليون دولار بالسنة. وبالتأكيد هنا لا نتحدث عن الجميع… فهناك قنوات تقدّم المحتوى بشفافية ومصداقية تامة… 

وهنا السؤال يطرح نفسه… هل سبق وشاهدتم مثل هذه المقاطع؟

وهل تستحق هذه الأموال الأضرار التي يلحقها هؤلاء بالطبيعة و بسمعتهم وكذلك بمصداقية مقاطعهم؟ شاركونا رأيكم في التعليقات…

زر الذهاب إلى الأعلى